عندما تحلو المشاكل الزوجية قبيل رمضان

لصديقتي موسم سنوي لـ" خناقة" زوجية كبرى، يشتد فيها غضبها وتبدي استعدادًا لحرق الأخضر واليابس، تصعب تهدئتها، وغالبًا ما تترك البيت مغضبة لعدة أيام..

المؤسف أن موسم اضطرابها واضطراب أسرتها واشتعال الخلاف الزوجي يتزامن مع اقتراب شهر رمضان الكريم.. مما يضيع عليها فرص الاستعداد المادي والمعنوي، وتهيئة بيتها وأبنائها لاستقبال أيام وليالي غالية انتظرتها طوال العام.

وفي خطوة احترازية اتصلت بصديقتي قبل أيام لأطمئن على أن نهاية شعبان تمر بسلام هذا العام، فضحكت لسؤالي وأخبرتني أنها استفادت من معاناتها السابقة، وقررت ألا تخسر رمضان هذا العام مهما يكن.

وقالت: أدركت أن شيطاني يستعد لي قبل رمضان بإثارة مشكلات بيني وبين زوجي، حتى أخسر أغلب الشهر في حريق الأعصاب، وكثرة التفكير والهموم، والمشاحنات والغيبة، وتشتت القلب وضعف الخشوع.. وعندما أعود إلى بيتي وتهدأ المشكلات بيننا بعد أن يذهب كل الشهر أو جلُّه أكتشف أن الأمر ما كان يستحق كل هذه الضجة.. وأن بعض الصبر والتزكي أو حتى التأجيل كان كفيلًا بأن تمر الأيام بسلام وبهجة على أسرتي.

رمضان ميدان العفو

وكما نستعد لرمضان بتجهيز احتياجات المنزل وترتيبه، وتعليق الزينات، فالأهم هو إعداد القلب والروح لاستقبال النفحات الغالية.. والسعادة والفرح بفضل الله، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}. يونس- 58.

وإعداد القلب لاستقبال رمضان، وتوجيهه إلى التفكر والذكر والخشوع يحتاج إلى تخليته أولًا من الهموم الصغيرة التي تشيع فيه الفوضى، وكما قال الرافعي – رحمه الله-: (إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك).

ومن أهم مصادر الفوضى والظلام في القلب كثرة الخلافات والمشاحنات مع الناس، فلن يعرف قلبك السلام إلا بإعلان العفو والمسامحة، والابتعاد عن أسباب البغضاء والتنافر، وأهمها: التنافس على الدنيا، وسوء الظن، وكثرة الخلطة.

املئي قلبك سكينة وراحة قبل رمضان بإصلاح علاقاتك بمن حولك، وأولهم زوجك، فلا تنساقي مع مقدمات الخلافات، ولا تقفي طويلًا عندها، فأنتِ مقبلة على شهر الدعاء فأوكلي أمورك إلى الله، وألقي همومك على بابه، وسليه أن يصلح ما بينك وبين زوجك، ويؤلف بينكما.. بدلًا من أن تضيعي هذه الفرصة الثمينة.

وتذكري أن هذا الرجل الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، لم يكن كثير الصلاة ولا الصيام وإنما "كان لا يبيت وفي قلبه غل ولا حسد على أحدٍ من المسلمين". (الحديث رواه الإمام أحمد بسند على شرط الشيخين).

ولأن رمضان هو شهر المغفرة، ودعاء ليلة القدر هو :" اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"، فأفضل ما تستعدين به لإجابة دعائك هو أن تسامحي وتعفي وتنقي قلبك من الغل والغضب، قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. النور- 22.

واجعلي شعارك قبيل رمضان، هو ما قاله أحد السلف: "أفضل الأعمال سلامة الصدور و سخاوة النفوس و النصح للأمة".. وستشعرين بنشاط إلى العبادة، ولذة في الصلاة والذكر، وقد تخففتِ من أحمال ثقيلة لطالما جذبت القلب إلى سفول الدنيا ورهقها.